بما أن اللعب يحتل مساحة كبيرة من حياة الأطفال، وعن طريقه يستكشفون بيئتهم المحيطة وتنمو مداركهم؛ إذن يمكننا استثماره لصالح تعليم الطفل وإكسابه مهارات متنوعة، وكذلك ليقوم الطفل بأداء مهامه وواجباته دون توجيه مباشر له؛ فينقاد للأمر بسهولة أكبر دون شعوره بالضجر، فاللعب يمنح الطفل إحساس الحرية والمتعة، ويخلق بداخله دوافع ذاتية لأداء المطلوب منه.
إليكم عدة أفكار لتحديات وألعاب مختلفة تنمي شخصية الطفل، مع التنبيه على أن تكون المنافسة بين الطفل وذاته، بمعنى أننا نقيس تقدم مستواه بمقارنته بمستواه السابق، ونحترز من التنافس بين الأطفال لئلا نقع في المقارنات بينهم؛ فتنشأ آثار سلبية نحن وأطفالنا في غنى عنها.
1. المساعدة في مهام المنزل
نجعل الطفل يختار المهام بنفسه من ضمن قائمة تضم المهام ولكن بأسلوب شيق، مثلًا إذا اختار أن ينضم لقوة مكافحة الغبار والأتربة إذًا عليه ارتداء الزي الرسمي ويتسلح بالأدوات اللازمة التي قمنا بجمعها في سلة، مثل فوط لتلميع الخشب والزجاج مع الملمعات الخاصة بكل منها، وفرشاة للتحف والأشياء الدقيقة، وإن كان بإمكانه استخدام المكنسة فليقم بالمهمة كاملة.
من الأفضل مناقشته حول خطته بحيث نعلمه تجزئة المهمة الكبيرة لمجموعة مهام صغيرة يمكن أن تتخللها فترات راحة دفعًا للملل والتعب، ونكسبه مهارة تحديد الأهداف والتخطيط فيختار بأي جزء يبدأ، ثم الذي يليه وهكذا حتى يتم المهمة بنجاح ويحصل على وسامًا مجازيًا تقديرًا لنجاحه في أداء المهمة.
يمكن تطبيق مثل هذا التحدي على أي مهام منزلية أخرى، مثل قوة مكافحة البقع التي تصيب الأسطح والأرضيات، شرطة مكافحة الجراثيم، أومنع ظهور الروائح الكريهة فيتتبع أي مصدر يمكن أن تنبعث منه وينظفه بالمواد الملائمة، شرطة للقبض على الملابس المتسخة وجمعها في المحبس أي سلة الملابس تمهيدًا لتنظيفهم.
كذلك يمكن مشاركتهم لنا في المطبخ، نتخيل أننا شركاء في إدارة مطعم، ونختار له اسمًا وشعارًا يميزه، ونبدأ في وضع قائمة للأكلات الرئيسية والأطباق الجانبية والسلطات والمشروبات والحلويات، وكل فرد عليه أداء مهمة إعداد ما يستطيعه من تلك القائمة مع الحرص على تقديمه في أفضل صورة لجذب الزبائن إلى المطعم. ولا ننسى توزيع المهام التنظيمية من إعداد المائدة وغسل الصحون … إلخ.
من المفيد إشراكهم في إدارة موارد البيت، فنقوم بتشكيل وزارة اقتصادية مهمتها ترشيد استخدام الموارد ووضع خطط لاستثمارها، والتفكير في إضافة موارد أخرى فيكون بيتنا منتجًا لا مستهلكًا فقط. هذه الفكرة كفيلة بإشعارهم بمسئوليتهم في الحفاظ على ممتلكات البيت وعدم الإضرار بها وإلا سيضطرون لإصلاحها أو استبدالها، وكذلك سيتولد لديهم الوعي بأهمية النقود، وأن إنفاقها يتم وفق حدود وحسب الأولويات.
2. استشعار النعم
تحدٍ دون إبهام
يتم ربط إصبع الإبهام في باطن الكف، ويحاول الطفل استخدام يده في الإمساك بالأشياء والتعامل معها، فيكتشف أهمية هذا الإصبع وأنه يمثل خمسين بالمائة من وظائف اليد.
تحدٍ دون إبصار
يغمي عينيه ويبدأ بالتحرك والإمساك بالأشياء، فيكتشف نعمة الإبصار ويشكر الله عليها ولا يستخدمها في معصيته كأن يتطلع لعورة غيره. يستطيع أيضًا تنمية مهارة التمييز باللمس stereognosis بهذا التحدي فيتعرف الأشياء المألوفة بتحسسها ولمسها دون النظر إليها، ويمكن زيادة التحدي بجعله يرسم أو يكتب وهو مغمض العينين.
تحدٍ دون صوت ولا كتابة
فيحاول التواصل معكم بالإشارة فقط. يمكن تعميم مثل تلك التحديات فيتخيل فقدان أي شيء مادي في بيئتنا المحيطة من أدوات وأجهزة ومختلف الموارد؛ ليستنتج مدى أهميته.
3. تنمية المهارات الذاتية
تحدي الزمن
يقيس سرعة أداء المهام بشرط توفر الإتقان بحد مقبول، مثلًا: سرعة ارتداء ملابسه أو حذائه، سرعة أداء الفروض المنزلية، سرعة ترتيب غرفته…إلخ، في كل مرة نقيس سرعته الحالية بسرعته السابقة، لكن مع التسليم بأنه سيصل إلى حد معين لا يستطيع تجاوزه، وإلا سيخل بأداء المهمة بشكلٍ لائق، سيتعلم من هذا التحدي قيمة الوقت واستثماره بشكل أفضل.
تحدي الثبات والتحكم في النفس
من أشهر الألعاب في هذا الشأن لعبة التماثيل لا تتحرك، فيتخذ وضعية ليثبت عليها ولا يتحرك تمامًا ويثبت نظره بقدر استطاعته، ولا يتفاعل سواء بالضحك أو الكلام مع الشخص الذي يحاول إخراجه عن ثباته مهما فعل.
4. التمثيل والمحاكاة
يستطيع اكتساب العديد من المهارات بهذه الطريقة، فمثلًا يقلد المعلم ويقف يشرح سواء للوالدين أو الإخوة، أو لمجموعة من ألعابه يصفّهم أمامه. يقوم بتقليد الخطيب أو إمام المسجد أو أي متحدث إلى جمهور، ومع الوقت سيشعر بتمكنه وأنه يستطيع فعل تلك الأمور على أرض الواقع.
يمكنه كذلك محاكاة المهارات والحرف اليدوية، ويقيس تقدمه مع استمرار محاولاته مثل تحسين الخط أو الرسم.
يمكن تجسيد موقف لوجود خطرٍ ما، وننظر كيف يتصرف الطفل في مثل هذا الموقف، ثم نناقشه ونقيّم تصرفه ونقوِّمه بلطف دون اتهامه بأنه أساء التصرف، يكفي أنه حاول في ضوء خبرته.
5. الاهتمام بالصحة
تحدي اللياقة البدنية
توجد تمارين كثيرة تنمي لياقة الأطفال ومنها اليوجا، ويمكن إضافة المرح بجعله يقلد حركات الحيوانات.
تحدي الإفطار الصحي
أن يقوم بتحديد مكونات صحية لإفطاره، ويعده بنفسه وبالقدر الذي يكفيه، ويتناوله في موعد محدد وثابت يوميًا، يفضل قبل العاشرة صباحًا. يمكنه الإبداع والتفنن في تزيين طبقه.
قوة مكافحة الأطعمة الضارة
يقف الطفل بالمرصاد لأي مكونات ضارة تحاول دخول معدتنا، فيمنع الحلوى والعصائر المتهمة باحتوائها على مواد حافظة، ويوقف السكر عند حده الذي لا يسمح له بتجاوزه، ويحارب الملوثات التي تعلقت بالخضر والفواكه فيقوم بغسلها جيدًا…إلخ.
6. تنمية المهارات الاجتماعية
لعبة الضيوف
نقوم بالتمثيل مع الأولاد فيكون كلٍّ له دور، ومن خلال اللعبة يمكننا تعليمهم كيف يحسنون التصرف سواء كانوا ضيوفًا أو مضيفين.
تحدي الابتسامة
أن يظل مبتسمًا أطول فترة ممكنة مهما تعرض لمنغصات، كلما زادت الفترة زادت عدد نقاطه، علينا تذكيره بلطف ” أين ابتسامتك الجميلة؟”
7. الارتقاء بمهارات العقل
تحدي البديل
عليه أن يتخيل عدم وجود آلة أو أداة معينة، ويفكر في حل بديل لإتمام المهمة دونها. ويمكن عكس هذا التحدي، بحيث يفكر الطفل في استخدامات جديدة وغير مألوفة لهذا الشيء.
تحدي الثلاثة ألوان
عليه تلوين الرسمة كاملة بثلاثة ألوان فقط، يمكن أن نتيح له اختيار الخلط بينهما أو نمنع ذلك لزيادة التحدي.
تحدي الأنماط
نرسم للطفل أشكالاً أو نكتب أعدادًا بنمط معين وعليه أن يستنتج ما يكمل به التسلسل، فتنمو لديه مهارة الاستدلال الشكلي والحسابي. يمكن الاستعانة بقوالب هندسية يكون منها الطفل شكلًا متكاملًا، أو نستخدم المكعبات الملونة ونطلب منه ترتيبها بنمط معين حسب ألوانها. كذلك يمكن تدريبه على الاستدلال الحركي، فمثلًا نؤدي عدة حركات متتالية بنمط معين ثم نتوقف ونطلب منه استنتاج الحركة التالية، فنقوم مثلًا بالتصفيق ثم التربيت على الفخذين ثم القفز ثم الدوران ثم نعيد الأربع حركات بنفس الترتيب.
تحدي الإبداع
نرسم له خطوطًا أوأشكالًا عشوائية أو دوائر صغيرة متفرقة فيقوم بتوصيلها بحيث يخرج بشكل جمالي أو شيء مفهوم. يمكن رسم شكل هندسي فيحاول الطفل أن ينطلق منه لرسم لوحة، أو عرض أشكال هندسية مختلفة على الطفل فيدمجها لتكوين شكل مألوف، أو الرسم باستخدام الأرقام أوالحروف الأبجدية سواء العربية أو الأجنبية. من الممتع أيضًا الاستعانة بمساطر spirography لإنتاج أشكال إبداعية، ونستطيع صنع بديل لها إذا لم تتوافر لدينا.
8. تحديات لغوية
يمكن ممارسة عدة ألعاب لتنمية مهارات اللغة المختلفة،إلى جانب تحويل دراستهم إلى ألعاب وتحديات مثل تحدي التهجئة أو الإملاء، تحدي التحليل والاستنتاج فلا يقتصر على قراءة السطور، بل يقرأ ما بين وما وراء السطور…إلخ، كتب الألغاز والأشعار مفيدة جدًا في هذا الشأن.
يمكنك قراءة 4 مهارات أساسية لطفلك: ما هي؟ وكيف تنميها؟
9. لأداء العبادات
لتشجيعه على صلاة الفرائض الخمس يمكن رسم مثل شكل بطارية الهاتف المحمول، وتقسيمها لخمسة أقسام، وكلما أدى صلاة يلون قسمًا منهم حتى يكتمل شحنها. وهناك فكرة بناء الهرم المكون من خمس لبنات أو الهرم المدرّج المكون من خمس درجات، عليه أن يكمل بناءه بأداء الخمس صلوات.
أما مدارسة سور القرآن فيمكن استخدام فكرة القلب المضيء، نرسم قلبًا ونقسمه بعدد سور جزء عم مثلًا، وكلما درس الطفل سورة منهم واستخرج منها العظات والوصايا العملية يقوم بتلوين موضعها من القلب حتى يشرق القلب كله باكتمال السور التي بداخله.