إذا كان النجاح يجعلك متكبرًا، فأنت لم تنجح حقًا.. وإذا كان الفشل يجعلك أكثر تصميمًا، فأنت لم تفشل حقًا.
ويل سميث
هناك طاقة كامنة بداخل كل إنسان يمكنه تحويلها من طاقة سالبة إلى موجبة تدفعه إلى الأمام بدلاً من الرجوع للخلف في حالات الإخفاق، وعندما نتحدث عن الطفل فتعتبر البيئة المحيطة به هي المنبع الأساسي لأحلامه ورغباته وطموحاته، حيث يشكل الآباء المصدر الرئيسي لتعزيز ودعم أحلام أطفالهم ومساعدتهم لمعرفة ذاتهم والدفع بهم لإدارة إخفاقهم ومساندتهم في مهب الفشل، الذي لن يكون فشلاً حتى يستسلم له الطفل. لذا فلا تبالغ في رد فعلك أو تظهر الإحباط لطفلك إن أخفق، بل شجعه وقدّر محاولاته للوصول للنجاح وكرر على مسامعه يكفيك شرف المحاولة.
كيف تدفع طفلك للمحاولة؟
إن الخوف من الفشل لا يوجد لدى الكبار فقط، وإنما أيضًا لدى الأطفال، بل إنه يظهر بشكل أوضح لأنهم ينمون ويكبرون يوميًا عن طريق نمو علاقاتهم الاجتماعية والسلوكية وأيضًا نمو تفكيرهم وخيالهم، وكل هذه الجوانب تحتاج وقتًا للنمو في حياة الأطفال، كما أن القلق يعتمد على تجاربهم السابقة في الحياة، لذا على الآباء وضع خطط وبرامج للتغلب على فشلهم في المدرسة أو الحياة بشكل عام، حيث يركز الأطفال دومًا على رد فعل الأب والأم عن نجاحهم أو فشلهم، فشجّع أطفالك كي يذاكروا وينجحوا لكي يتفوقوا كما يحلمون هم أنفسهم، وليس كما تريد أنت، لأن القوة العقلية للطفل هي ما يساعده على الانطلاق مرة أخرى من الانتكاسات وتعطيه قوة للمواصلة عندما يقع في الفشل، ولهذا فإن الفشل قد يجعل أطفالنا يحققون نجاحات أكبر في الحياة تفوق إمكاناتهم في بعض الأحيان.
أخطاء بسيطة وآثار جسيمة
- التعاطف المبالغ به مع فشل طفلك: هذا يجعله يلعب دور الضحية لوضعه في ظروف صعبة أو غير عادلة، مما يضر به ويجعله يستسلم للفشل، بل اجعله يشعر أن الفشل والظلم جزء من الحياة، وأنه يستطيع إنجاز عمل إيجابي مهما كانت الظروف قاسية حوله.
- توقع الكمال لدى طفلك: يجعل منه ناقمًا على كل ما حوله ويعطي نتائج عكسية، فعليك أن تتوقع الجيد حتمًا، لكن ليس الكمال، وعلم أبناءك أن الفشل أمر طبيعي؛ حتى يتعلموا كيف يصبحون أفضل من أنفسهم سابقًا، وليس أفضل الأشخاص على العموم.
- إنقاذ طفلك دومًا من مشاعر الحزن والقلق: التدخل السريع للتخفيف من شعور الطفل بالألم أو الخوف يجعله لا يألف كيفية التعامل معها عندما يواجهها بمفرده، بل علم طفلك كيف يواجه هذه المشاعر واتركه يمر بها لكي يتعلم كيف يقهر خوفه حتى يتعلم الشجاعة للخروج من منطقة الراحة comfort zone.
- منع الطفل من الخطأ ومن السقوط أو التعرض للخطر: بفرض الحماية الزائدة يجعله أكثر عرضة للإصابة بالخوف (الفوبيا) عند الكبر كما تشير الأبحاث، فالتخبط في بعض الأحيان والتعرض للنتائج الطبيعية هو من أعظم الفرص للتعلم ويمكّن الأطفال من النمو وهم أكثر حكمة وقوة.
- الخلط بين العقاب والانضباط: فالعقاب، هو جعل الأطفال يعانون بسبب مخالفتهم وأخطائهم، لكن الانضباط هو تعليمهم كيفية القيام بعمل أفضل في المستقبل، وأيضًا يجب التركيز على القيم الأساسية لجعل أطفالك يعيشون حياة ذات معنى، وعدم الانغماس في فوضى الحياة وسرعة الزمن وألا تنسى التأكيد باستمرار على أولوياتك ومعتقداتك.
الخوف من الفشل: كيف تُهيء طفلك؟
يشعر الأطفال بخوف مبالغ به نتيجة التعرض لأحداث مؤلمة ومحرجة تتعلق بهذه التجربة، فالكثير يعتقد أن التعلم من الفشل يكون بالتركيز عليه، لكنه في الواقع التركيز على الفشل والقلق يؤديان إلى الفشل مرة بعد مرة، ففي إحدى التجارب التي أقيمت على القردة، وجدوا أن الإنسان يتعلم من التركيز على النجاح أكثر من الفشل، لذا علم طفلك أن الخوف من الفشل هو العائق الذي يضيع ما حقق ويهدم ما بناه، فاجعله يتخطى الفشل وساعده للقيام مرة أخرى كي يركز على النجاح، ويضعه نصب عينه ويتغاضى عن التخبط والوقوع.
قواعد النجاح:علمها طفلك
1. الرؤية الشخصية
نظرة الإنسان للهدف هي التي تحدد مدى استطاعته تحقيقه من عدمه، فعندما يفشل الإنسان في هدف ما تتشوه لديه تصوراته لأهدافه، كما أنه يؤثر على نظرته لذاته، فلا تجعل طفلك يفقد الثقة في نفسه ودعمه في الفشل والنجاح على حد السواء.
2. المهارات الاجتماعية
تؤثر العلاقات الاجتماعية الإيجابية على سهولة نجاح طفلك، حيث إن الذكاء الاجتماعي من أهم أسباب النجاح في الحياة بشكل عام، لذا ساعد طفلك على الاندماج في المجتمع وشجعه حتى لا يصبح شخصية انطوائية.
3. الواجبات المنزلية أولًا
قد يبدو أن قيام الطفل ببعض الأعمال المنزلية مثل تحضير طاولة الطعام أو ترتيب الغرف وما إلى ذلك أنها من أجل راحة المربي، لكنها في الواقع تعلم الطفل مهارات حياتية مهمة تؤدي به للنجاح، فتقبله النظام وعمله تحت سلطة والاهتمام بأداء عمله على أكمل وجه والاجتهاد لعمل أفضل، كل هذه المهارات يتعلمها من القيام ببعض الأعمال المنزلية.
4. بيت مستقر = تركيز على الهدف
نمو الأطفال يتأثر بوجودهم في بيت هادئ مستقر لا يحتوي ضجيج الخلافات والمشاحنات سواء بين الوالدين أو الشجار بين الإخوة، كما أن تأثير الانفصال بين الأم والأب على الطفل يحدد شخصيته وسلوكه مما يؤثر على مدى نجاحه في الحياة.
5. كن قدوة النجاح
يتعلم الأطفال من الآباء أكثر من أي شخص آخر، فيسهل تعلمهم أخلاقيات العمل وإنجازه على أكمل وجه، حيث أشارت الدراسات إلى أن الأطفال الذين ينشؤون مع أم عاملة يتمتعون بمزايا أكثر من الذين يكبرون مع أم ليست عاملة، حيث يطور من شخصياتهم ويستكشفون الحياة العملية من صغرهم.
6. ضبط النفس أحد أسرار النجاح
يكمن سر الانفعالات السريعة للأطفال من بكاء ونوبات غضب مفاجأة – وما إلى ذلك- إلى أن الجزء الأمامي من الدماغ المسؤول عن هذه الانفعالات يحتاج وقتًا أطول كي ينمو، في حين يمكن للآباء مساعدة أطفالهم لتطويره عن طريق تعلمهم الطريقة الصحيحة للتعبير عن مشاعرهم ومعرفتهم كيفية ضبط النفس وبالتالي تتطور لديهم هذا الجزء المسؤول بدوره عن حل المشكلات والمسائل الرياضية ومعرفة الأصوات والحروف كما ذكرت الأبحاث، مما يزيد من فرصة نجاح هؤلاء الأطفال في الحياة الأكاديمية والعملية.
7. الرياضة: العقل السليم في الجسم السليم
تعتبر مقولة «العقل السليم في الجسم السليم» ليست فقط في جعل المخ نشطًا بتدفق الدم إليه بانتظام أثناء الرياضة، لكنه ثبت أن المهارات الحركية وتطورها في الأطفال في سن مبكرة، تنشط الجزء البصري في الدماغ مما يزيد من تطوير خلايا المخ المسؤولة عن القراءة والرياضيات وبذلك تساعد الطفل على التحصيل الأكاديمي بشكل أكبر.
ولذلك عليك أن تعلم أطفالك أن النجاح في الحياة يعتمد على الشخص ذاته ومدى تطويره لنفسه ومهاراته، وأنه يجب على كل فرد أن يستثمر ما وهبه الله له، وأن الأهداف ليس لها سقف والطموحات الفردية والأسرية والاجتماعية والاقتصادية لا نهاية لها، ويستطيع إنجاز أهدافه عندما يضعها نصب عينيه حتى يركز عليها ولا يحيد عنها، وأنه يمكنه تقسيم الهدف بعيد المنال إلى أهداف قصيرة المدى حتى يستطيع إنجازه والنمو في خطواته ويشعر بالإنجاز المستمر، فشجع أطفالك كي يمضوا بخطا ثابتة نحو النجاح.