المكافأة بالحلوى رشوة! كيف تحفز طفلك بطريقة صحيحة؟

طفل مكافأة

تتباين أساليب التربية التي يستخدمها الآباء والأمهات مع أطفالهم، فمنهم من يتبع أسلوب الحوار واللين، ومنهم من يتبع الشدة والعنف في التوجيه والعقاب، كما تتنوع أيضًا طرق الثواب التي يستخدمها الوالدان للتأثير على أطفالهما وعندما يتصرفون بشكل لائق أو جيد. وهنا يدخل المربي في حيرة من أمره كيف يكافئ الطفل ويشجعه على فعل السلوك الجيد دون أن يؤثر ذلك في تربيته، وكيف يضبط سلوكه، بل وكيف يقدم له الثواب بطريقة فعّالة وبنّاءة، فقد يستخدم بعض الآباء نظام المقايضة «إن فعلت كذا سأفعل لك كذا»، «إن انتهيت من كذا سأعطي لك الحلوى»، هل هذه الطريقة سليمة أم لا؟ هذا ما سنتطرق إليه فيما يلي، وسنعرف ما الفرق بين المكافأة والرشوة، ومدى تأثير كل منهما على الطفل وشخصيته، وهل للمكافآت المادية نفس التأثير؟

كيف يجب أن تكون المكافأة؟

تعد المكافأة سلاح الوالدين الذي يستخدمانه للتأثير على أطفالهما وترسيخ جوانب مهمة في شخصياتهم، حيث إن للمكافأة أثرًا بالغ الأهمية لتعزيز السلوك الإيجابي للطفل، ولكن كيف تصبح المكافأة ضارة على طفلك؟

فعندما تطلب من طفلك أن يكون هادئًا أو ينهي طعامه حتى تعطيه الحلوى، وعندما تأخذه لمحل الألعاب حتى يهدأ من نوبة غضب في الخارج أو حتى يفعل شيئًا في المقابل بعدها فكل هذا ليس إلا (رشوة). حيث إن تقديم الرشوة أو مجرد الوعد بها قبل قيام الطفل بعمل جيد مرغوب يجعله دومًا في انتظار الوعود، وفي انتظار مقابل لسلوكه الجيد وإن لم يحصل على ما يرغب لن يُحسِن تصرفه، حيث إن السلوك الجيد يُقصد لذاته ولنفسه، ولأنه يجب أن يقصد،  أما تقديم المكافأة (الهدية) تتم لأن الطفل جيد في العموم، ولأن الهدايا يجب أن تكون لمن نحب، دون ربط الهدية بسلوك معين (بتسمع الكلام) (كنت كويس الأسبوع اللي فات)، ولذا يجب استثمار أفضل الوسائل لتعزيز السلوك الإيجابي لدى طفلك حبًا في هذا السلوك، وأن تبني في طفلك ضميره الذي يحثه دومًا على فعل الصواب لأنه فقط الصواب حتى ولو لم يجني شيئًا من هذا الصواب، فبهذا تحرص على تنمية شخصية طفلك التي تطيع الله حبًا به وليس إرضاءً لأي شخص.

ماذا لو لم يتلق الطفل الجزاء؟

إذا كان طفلك قد تعود بالفعل على وجود مقابل دومًا، فماذا سيحدث إذا لم يحصل على المكافأ المنتظرة أو أي مقابل بعد هذا السلوك، فإنه حتمًا في هذه الحالة يقع في تذبذب وحيرة، هل ما فعله صحيح أم خاطئ، لأنه اعتاد على التقييم  من خلال رد فعل من حوله، لذلك فإن المكافآت غير المنضبطة تعتبر طريقة مرهقة على الوالدين وتفتقد قيمتها مع مرور الوقت بل وتزيد من تطلعات الطفل بعد ذلك، فيجب ألا يقتصر الثواب على المكافآت المادية فقط بل يجب أن يمتد إلى جوانب معنوية تعتمد على إظهار التقدير والإعجاب بسلوكيات الطفل الإيجابية، كما أنه أيضًا الاستحسان(معنويًا) بشكل مبالغ فيه (واااااو إيه الشطارة دي) (براااافووو عليك) أو التركيز علي الطفل نفسه (أنت أروع واحد في الدنيا) (أنت اشطر حد في العالم) كل هذه الصور أيضًا ليست منضبطة، لكن المكافأة المنضبطة هي استحسان فعل الطفل بشكل متزن وهادئ.

ما البدائل الصحيحة للمكافأة؟

بدائل المكافأة المادية هي التشجيع المتزن باستخدام عبارات تدعم الطفل وتحفزه على أداء السلوك الجيد وتساعده لرؤية نقاط القوة في تصرفاته، مما يساعد الطفل على تقييم نفسه والتركيز على رؤيته هو لذاته ولا يرتكز على مدح الآخرين، وبالتالي عدم تأثره بنقد زملائه أو التنمر عليه في بعض الأحيان، وبذلك يزيد من ثقته بنفسه وتخلق لديه الرغبة في بذل جهد لفعل الأفضل والأفضل للتطوير من نفسه، ويعلمه الصواب والخطأ دون تكرار الأبوين عليه هذا صحيح وهذا خاطأ.

طاعة الطفل ليست للبيع.. لا تشتريها منه!

عندما تقدم الرشاوى والمكافآت غير المنضبطة لطفلك، فهذا لن يفيد في تغيير سلوكهم للأفضل، بل يزيد من عنادهم ويصبحون أكثر رغبة في السيطرة على عائلتهم، ويغير من تصرفاتهم على المدى البعيد، فلن يفعل ما تستحسنه إلا عندما يأخذ المقابل أولاً وعندها يعود لاستخدام نفس الطريقة السيئة إلى أن تعطيه ما يشاء، فالواقع أن المكافأة المنضبطة تساعد على تشجيع الطفل وتحفزه لإكمال المهام الصعبة، حيث إنها اعتراف منك بعمله الجيد، لكنه يجب أن تكترث حتى لا ترتبط المكافأة بمصلحة شخصية لطفلك وتترك أثرًا سلبيًا في تفكيره وتتحول لرشوة فتقتل لديه روح المبادرة لفعل الصواب حبًا فيه، بل لمجرد الحصول على المكافأة، فاحذر بذلك المكافأة المشروطة، واعلم أنك بهذا تشتري طاعة طفلك بمقابل وليس حبًا لك، وإذا كنت قد فعلت هذه العادة بالفعل، فيجب الإقلاع عنها فورًا والتغلب على محاولة ابتزاز طفلك لك، حتى ولو زاد عناده وبكاؤه وتمرده، فإنه شيئًا فشيئًا سيفهم ويخضع للواقع ويتعود على رد فعلك الجديد. فقط تحتاجين لبعض الحزم في تحديد المهام التي ترغبين من طفلك أن يفعلها ولا تقومي بتكرار الطلب حتى لا يلجأ للمساومة وكوني هادئة مع الحزم وتعريف مشاعره.

إن وجود نظام مكافآت (هدايا) متفق عليه يساعد على تجنب الابتزاز العاطفي، وبالتالي لن يتوقع طفلك الحصول على مكافأة مقابل كل نشاط فردي يقوم به، لذا إليك بعض الأفكار للمكافآت المعنوية لتجنب المادية:

  1. شجعه بمدح منضبط للفعل، وليس التركيز على الطفل نفسه.
  2. اقرأ معه الكتاب المفضل له، ودعه يختار المكان والزمان.
  3. اجعليه يحضر معكِ مشروبه المفضل كالشوكولاتة الساخنة.
  4. اترك طفلك يختار ماذا تأكلون اليوم على الغداء.
  5. اطلب منه أن يقرر في أي الأماكن ستقضون عطلة نهاية الأسبوع.
  6. إعطاء الطفل من 5 – 10 دقيقة إضافية فقط لمشاهدة التلفاز.
  7. اسمح لطفلك باستضافة أصدقائه في المنزل في يوم محدد واجعله مسؤولًا عما يريد تقديمه لهم.
  8. أعطِ لطفلك عطلة يوم في الأسبوع من مهامه اليومية.
  9. خصص وقتًا لطفلك لاستخدام كاميرا هاتفك المحمول لتسجيل فيديو أو التقاط صور تذكارية.

آثار المكافأة المنضبطة على سلوك طفلك

  1. يعزز السلوك الإيجابي: حيث يميل كل إنسان للحصول على الاهتمام، وبالتالي الأطفال يواصلون السلوك الذي يضمن لهم هذا الاهتمام، لذا يجب على الوالدين أن يظهروا السلوك الجيد لأطفالهم عن طريق تشجيعهم على السلوكيات التي يريدونهم أن يستمروا عليها وأن يتعلموها.
  2. تغيير السلوك السلبي: بعكس رد الفعل على السلوك الإيجابي فإن السلوك الذي لا يثير رد فعل أو يتم تجاهله من المرجح أن يسقط على جانب الطريق في النهاية، فهو فقط سيستمر في السلوك الذي يتلقى منه ردود فعل إيجابية ويتجنب السلوك الذي لا يعود عليه بأي مكافآت، وبالتدريج سيتحسن ويتعدل سلوك الطفل بشكل تلقائي.
  3. يخلق جوًا إيجابيًا هادئًا: تجعل المكافآت المنضبطة من المنزل بيئة ممتعة للتعلم بالنسبة للأطفال، وتخلق جوًا هادئًا خاليًا من المشاحنات والعقاب بالنسبة للآباء، مما يوفر بيئة آمنة إيجابية مليئة بالدفء والشعور بالعطاء، وتساعد الأطفال على اكتساب ثقة أكبر، وشعورهم بالسعادة مما يتيح لهم تطوير مهاراتهم الاجتماعية بشكل أسهل واتخاذ الوالدين المثل الأعلى لهم ومصاحبتهم طوال حياتهم.
  4. تحديد سبب سوء التصرف: قد يحدث سوء السلوك نتيجة عدم فهم الطفل التعليمات، وهنا يختلط الأمر على الآباء بين عدم الفهم والتحدي، فإن كان التحدي عن عمد يجب ترك الطفل لمواجهة النتائج المنطقية والطبيعية لهذا العند حتى يتعلم كيف يختار سلوكًا إيجابيًا، وإن كان هناك سوء فهم للتعليمات فالتعزيز الإيجابي يعمل على تصحيح هذا الفهم الخاطئ ووضعه على المسار السليم.
  5. تطوير العادات الجيدة: كل عادة هي في البداية سلوك واحد، لذا فإن التحفيز يساعد الطفل على تطوير طقوسه الروتينية اليومية مثل النظافة الشخصية أو التعامل مع الآخرين بشكل مهذب أو الحرص على ترتيب أغراضه وغرفته، مما يجعل هذه التصرفات تتحول لعادات بالتعود عليها.

وها هنا فإن للمكافأة المنضبطة بالغ الأثر على حياة الطفل ككل، وفي بناء شخصيته وتطور مهاراته الحياتية والاجتماعية، مما يلزم الآباء إعادة النظر لأهميتها مرة أخرى، وأن يخطو خطوات ثابتة على الطريقة الصحيحة، لبناء طفل سليم نفسيًا يستطيع التأثير بشكل إيجابي في مجتمعه، نافع لنفسه أولاً ولأسرته ومجتمعه ثانيًا.