كيف تقول «لا» فعّالة لطفلك؟

طفل, تربية, نصائح تربوية, نصائح للأباء

يولد الطفل صفحة بيضاء يكتب عليها الآباء، نضع لهم القواعد والأوامر والنواهي ومن حرصنا عليهم ننهاهم تارة ونوافق على أفعالهم تارة.. لكن ما يحدث أن بعد فترة يتعلم الطفل كيف يحاول إخضاع الآباء لطلباته بوسائل ضغط مختلفة، البكاء والإصرار أحدهما، هنا يحتار الآباء، هل نخضع للأطفال أم نرفض؟ وكيف نرفض؟ هذا يعيدنا لسؤال مهم.. كيف نستطيع أن نقول «لا» حقيقية للطفل؟

 لكي نعرف كيف نقول «لا» يجب أولًا أن نفهم أدمغتنا في التعامل مع الجمل اللغوية التي نسمعها، فوفقًا لستانفورد Stanford  فنحن لا نستمع إلى حرفية ما يقال لنا، بل نسمع فقط النية من الحديث، وفي كثير من الأحيان لا نحصل سوى على الكلمات الأولى والأخيرة، فالدماغ تترجم ما تسمعه في البدايات والنهايات وتحذف ما يقال في الوسط، خاصةً في حال لم يكن لدينا اهتمام كامل بما يقال أو التفات كامل للمُتحدث، وبالطبع هذا ما يحدث عندما ينشغل أطفالنا في أفعالهم ونتحدث لهم أثناءها، لذلك عندما نضيف لغة لا أهمية لها، فإننا نجبر الطفل على معالجة بناء الجملة على الأقل مرتين وهذا عمل شاق على تكوينهم الصغير وهذا تفسير شكوى الآباء والأمهات من تكرار الأوامر والنواهي مع استمرار عدم الجدوى أو الاستجابة حتى الطفيفة من أطفالهم.

وبعيدًا عن الطريقة التي نسمع ونترجم بها الكلام داخل أدمغتنا، فمن المهم أيضًا أن نحصل على اتجاهات واضحة من هذه القواعد -أي تكون القواعد واضحة- فكيف ستنفذ تعليمات غامضة رمادية بالنسبة لك؟

 أن تقول «لا» لطفلك هو أحد أسهل أشكال الانضباط، ولكنه ليس أكثرها فاعلية على الدوام، لذا سنتناول 10 طرق لمساعدة أطفالنا إلى الاستماع إلينا بشكل أفضل، وتوصيل عقولهم للفهم الصحيح والتجاوب معنا بل والشعور بالرغبة في التنفيذ أيضًا.

1. كن إيجابيًا

 قول لا أكثر من اللازم بالطبع سيولد الاستياء وبذور التمرد من طفلك في المستقبل، وسيتعلم الطفل تكرارها على مسامعك كما تكررها أنت عليه. لذا يحتم عليك ذلك أن تستبدل العبارات السلبية بعبارات إيجابية، فبدلًا من قول «لا تلمس المعروضات» أثناء التسوق، قل «ابقي يديك جانبًا» أو «من الأفضل استخدام أيدينا للمسك بممتلكاتنا فقط»، وبدلًا من قول «لا تقفز على السرير» قل «السرير للنوم والاسترخاء وليس للقفز»، وبدلًا من «لا تجري في المنزل» قل «الجري في الأماكن المفتوحة لكن في المنزل نستخدم المشي بهدوء»، فتكرار كلمة لا تفقد الطفل معناها الحقيقي عند استخدامها وقت الخطر.

2. اعرض خيارات

استخدم خيارين أو أكثر بدلاً من قول «لا تلمس هاتفي، اعطهوني فورًا» يمكنك أن تعرض عليه أن يشاركك في مشاهدة شيء يعجبه على الهاتف أو أن يلعب بلعبة ما يحبها، فتنفيذ الطفل لأمر يختاره بنفسه يجعله أكثر رضوخًا لك وللطلب، فيشعر بحريته في التنفيذ بين خيارين أو أكثر، ويمكنك استخدام هذه الطريقة لتجهيز طفلك للنوم أو المذاكرة بدلًا من “لا تلعب” يمكنك قول “هذا وقت النوم، هل تريد النوم الآن أم بعد عشر دقائق؟”.

3. التشتيت

عندما يرى طفلك ذو السنة والنصف مبنى الليجو الذي يقوم أخوه الأكبر ببنائه للتو، فيذهب لهدمه على الفور، هذا ليس بغيرة منه بل هو يرى ألوانه ويشعر بأنه من الممتع أن يقوم بهدمه، وهنا يمكنك بدلاَ من منعه من الذهاب لهدمه أن تلهيه بشيء آخر مثل «هذه فقاعات الصابون هيا نفجرها» وهنا ستلمع عيناه ويلتفت نظرة للعبة أخرى أكثر تشويقًا، وبذلك منعته دون أوامر وكأنك تقل له «انظر العصفورة».

4. اشرح

قد يبدو لك أن الكلمات مفهومة بالنسبة لك، لكنها صعبة الاستيعاب بالنسبة لطفلك الصغير، لذا قد يحتاج مزيدًا من الشرح عن سبب الأمر، فبدلًا من قول «لا تقف على الكرسي» قل «الكرسي للجلوس يمكنك الوقوف على الأرض»، وبدلًا من نهي طفلك الدارج عن لبس حذائه داخل المنزل، يمكنك أن تشرح له أن الحذاء للخارج فقط حيث تتواجد الأتربة وما إلى ذلك، وقد لا يفهم طفلك ذو السنة ونصف معنى كلمة “لا تضرب أختك” فكلمة الضرب بالنسبة له صعبة الفهم ولذلك يحتم عليك أن تشرح معنى الإيذاء له، وأيضًا نحتاج لشرح أسبابنا في قصد الرفض، وأنه ليس للعند أو ليس للرفض المطلق بل له أسباب منطقية.

5. امرح

استخدام روح الدعابة والمرح من أفضل الأساليب الإيجابية في بعض الأحيان مثل أن تقول «احترس أنا آتي لأقبض عليك» أو أن تجعل طفلك يتخلص مما في يديه دون أن تنزعه منه بشدة بل تستخدم الزغزغة، والضحك كفيل بجعله يترك ما بين يديه، أو أن تطارده في أنحاء المنزل للتحرك من مكانه دون أن يؤمر بالتحرك، كما يمكنك أن تتغنى بالنهي وكأنك راوي قصة أو حكيم المملكة، ويجب اختيار أوقات محددة لاستخدام هذا الأسلوب حتى لا يصبح استهتارًا بالسلوك السيئ فلا يمكن استخدامه مثلًا أثناء الخطر أو أثناء إيذائه شخصًا آخر بل يستخدم في السلوكيات البسيطة، ويخلصك من موقف قد يتطور بالرفض منه أو الضوضاء في المنزل وحتمًا صوت الضحك أفضل من صوت البكاء والصراخ.

6. أوفِ بوعدك

عندما تعد طفلك وتستبدل كلمه «لا لن أفعل لك هذا الآن» بقول «سنفعل هذا في وقت لاحق»، حدد وقت التنفيذ وأوفِ به حتى تصبح للكلمة صدقها وأثرها في نفسه عندما تكررها مرة أخرى ليتوقف عن الزن والبكاء وطلب ما يريد حالًا، حتى يدرك أنه سينفذ في الوقت الموعود، كما يفعل بعض الآباء والأمهات من ذكر كلمة «إن شاء الله»، وتكون النية كما ذكرناها مسبقًا هي قول «لا»، مما يجعل الطفل يتخبط بين ما يريده والداه وما يريده الله – سبحانه – ويدخل تفكير الطفل لمنطقة شائكة نحن في غنى عنها بتنفيذ ما اتفقنا عليه أو باستخدام جمل أخرى تعطي معنى «لا».

7. أشرك الطرف الآخر

من أحد أهم صور رفض الطفل لما يصدره أحد الأبوين من أوامر هو عدم اتفاق شريكه فيها، فترى أمًا تطلب من طفلها طلبًا ما، ويتحدث الأب أمام الطفل أن هذا لا داعي له ويختلف معها فيرفض الطفل تنفيذه بالطبع، لذا يجب الانتباه لأن تكون على وفاق دائم على ما يذكره الطرف الآخر أو يتحدث به أمام أطفالك، فمن المؤثر أن تظهر الامتنان للطرف الآخر أمام اطفالكم، كما يمكنكم دعم بعضكما البعض مثل قول «هل ترى؟ سيفعل طفلي الجميل كذا» مما يحفز الطفل على فعله كي يرى رد فعل إيجابيًا منكما، ويحظى بكلمات الإطراء وتشجيع وتلمع عيناه بالإنصات لكما.

8. أظهر حبك

لا تجعل قول «لا» لطفلك إظهارًا للسلطة والشدة وأنك تملي عليه أوامر، بل اجعل رفضك من منطلق خوفك عليه وحبك له ودومًا أظهر له حبك أثناء التحدث فلا تجعل العلاقة بينكما علاقة رأسية، وكأنك رئيسه في العمل، بل اجعل العلاقات أفقية بينك وبين أطفالك فاستخدم دومًا إظهار الحب لتجدهم يقومون بتنفيذ أوامرك حبًا لك وليس خوفًا منك.

9. تخيل

يمكنك أن تسرد قصة لأشخاص مشابهة وتدع طفلك يقرر هو أنه لا يصلح الآن، كأن يطلب منك طفلك بعض الحلوى الذي يريد للخروج لشرائها في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، أو أن يريد للذهاب للبحر في شهور الشتاء القارصة، فيمكنك جعله هو من يقرر «لا» بدلاً من أن تذكرها أنت ويصبح الرفض من داخله.

10. اختر معركتك

بالطبع لن يمكنك تجنب المصطلحات السلبية تمامًا، المفتاح ببساطة هو ضبط وحكمة استخدامها، فعندما يترك طفلك يدك في الشارع أثناء العبور أو أن يلعب في الكهرباء أو يتعرض لخطر جسيم نتيجة لفضوله وحبه للاستكشاف فحتمًا ستستخدم الكثير والكثير من «لا» وهنا سيفهم معناها لأنها فقط تستخدم وقت الخطر وليس في كل الأوقات وعلى كل الأفعال بل سيصبح لها أثرها على مسامعه، وبالتالي ستنطبع على رد فعله حينها.

فاختر ما تقوله لطفلك، هل ستكرر «لا» كما كنت قبل الآن؟