التربية والسينما: 10 أفلام ملهمة

طفل تربية سينما

يُعد الفن إحدى وسائل التعبيرِ عن النفسِ والعواطفِ والأفكارِ وأحد أشكالِ الوعي الاجتماعي والنشاط الإنساني في شكل محتوى بصري أو صوتي أو حركي. ونحن ندرك بواقع التجارب أنّ للأفلامَ قوة مذهلة في تحريك العواطفِ والمشاعرِ، فهي تجعلنا نبكي أو نحزن أو نشعر بالسعادة أو الخوف أو الضحك أو الحماسة والتشويق أو حتى الإلهام والحافز لتغير الأفكار والعادات والسلوكيات؛ ولهذا فوائد متعددة؛ تتحقق في إطار من الترفيه.

الأفلام السينمائية: ليست ترفيهًا فحسب!

1. طريقك للإلهام

للكثير من الأفلام هدف محدد يتمثل في إقناع المشاهدين بالتفكير بطريقة معينة؛ لذا فإن الأفلام – على هذا النحو- يمكن أن تحفز على أساليب أكثر نضجًا وإبداعًا للوَاِلدين في التربية:

فمن خلال مشهدٍ واحدٍ أو في غضون ساعةٍ واحدةٍ أو ساعتين؛ يكون بمثابة العدسة المكبّرة وتركّز على جزئية يعجز المشاهد عن رؤيتها في حياته العادية؛ إذن يمكن لفيلمٍ ما أن يقود عقلك لرؤية الجوانب المخفية والعواقب المجهولة لسلوكٍ ما أو فكرة معينة.

وقد تأتي السينما والأفلام كأحد مصادر الإلهام؛ سواء كانت الرسالة عبر المشاهد الفيلمية التي تجعل الأفراد يفكرون بشكل مختلف أو فيلم وثائقي يلهمهم لتغيير عاداتهم.

وتكشف للفرد مشكلاته أحيانًا؛ التي قد لا يتصورها من خلال نموذج يجده في الفيلم وتُطرح أمامه حلول للمشكلات ويحسن العلاقات الشخصية وإعادة التفكير في أفكارك السلبية.

2. عندما تصبح السينما علاجًا

أصبحت السينما أحد أنواع العلاج في روشتة المعالجين وشكلًا من أشكال العلاج أو المساعدة الذاتية عبر الأفلام:

  • يمكن أن يكون العلاج بالسينما حافزا للشفاء والنمو والإلهام والإطلاق العاطفي والإغاثة والتغيير الطبيعي، وهو يساعد الأفراد على التواصل مع خطوط القصة وشخصيات الفيلم، في هذه العملية تكون فرصة للأفراد للتعلّم عن أنفسهم بطرق أكثر عمقاً. وأساس عمله على وصول الشخص إلى عواطفه.
  • ويمكن من خلال عملية الوقاية النفسية للأصحاء بعلم النفس الإيجابي؛ الذي يهتم بالحفاظ على وتحقيق السواء والسعادة والصحة السيكولوجية –التي يشير إليها د. سيلجمان– عبر علم النفس الإيجابي؛ الذي يمكن أن تكون السينما إحدى الوسائل الفعالة لتحقيق ذلك في البيئة الأسرية.

3. الوقت العائلي: طريق للصحة والسعادة

من العادة الصحية داخل مجتمع الأسرة المشاهدة الجماعية لفيلم بشكل أسبوعي في إطار طقس عائلي لجَمع الأسرة أو «وقت الأسرة-family time» الذي يمكن استغلاله؛ كفرصة لتعزيز الروابط الأسرية وإصلاح ما أفسده ضغط العمل والدراسة طوال الأسبوع:

  • حيث أظهرت بجامعة نيوكاسل أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلًا مع آبائهم؛ يكونون أكثر سعادة وصحة وأفضل في المدرسة ولديهم معدل ذكاء أعلى، ويعزز الصحة العاطفية لديهم.
  • كما أن الأفلام لديها القدرة على إقناع أطفالنا وتعليمهم أيضًا؛ حيث تشير الأبحاث النفسية قدمها الدكتور جيريمي دين عن الإقناع إلى أن القصص التي تنقل الناس من المرجح أن تكون مقنعة، وكما أن لديها القدرة على تمرير الرسائل الإيجابية دون أن نشعر.

لذلك يمكن للوالدين التعلم ومساعدة الأطفال على فهم الجوانب المختلفة من حياتهم من خلال السينما؛ كوسيلة لبناء بيئة تربوية صحية ومتنوعة تكسر الرتابة والنمطية في التربية.


ما أهم الأفلام التي يمكنك الاستفادة منها أنت وطفلك؟

حاولنا هنا إعداد قائمة من الأفلام التي تجمع بين التاريخ والسير الذاتية والأفلام الاجتماعية والعلمية، وأن يكون بها أكبر قدر من التنوع الثقافي، وأن تقدم التعليم والإلهام والترفيه:

أولًا: أفلام السير الذاتية

هذه الأفلام تقدم القدوة والنموذج الملهم، والفكرة الرئيسية التي حاولت غرسها أن الشخصيات العظيمة أو التي غيرت واقعها هم أشخاص عاديون جدًا تجمعهم الإرادة.

1. أيدي موهوبة: قصة بن كارسون-Gifted Hands: The Ben Carson Story

يروي الفيلم قصة حقيقة عن الطبيب العالمي بين كارسون، وهو أول طبيب في العالم، يقوم بعملية فصل توأمين ملتصقين دون التضحية بأحدهما، ويروي الفيلم التحديات التي واجهها هذا الطبيب العظيم في طفولته ودور أمه المحوري؛ حتى أصبح أشهر أطباء العالم.

كانت مواقف وتدخلات والدة بين كارسون مؤثرة على مساره العلمي وغيرت كثيرًا من حياته، فقد ألزمته بقراءة كتابين أسبوعياً، وتقديم ملخص لهما في نهاية كل أسبوع، أملاً في رفع مستوى ذكائه، بل ونجحت تلك الطريقة مع الطفل الذي اتسع عقله وازداد معدل ذكائه، وأصبح يحصل على درجات عالية في مدرسته، وصارت هي من تضغط عليه ليترك القراءة قليلًا أثناء تناول طعامه.

2. قصة رون كلارك – The Ron Clark Story:

هذه قصة تحذيرية جيدة تستند إلى أحداث حقيقية تحت شعار «لن تترك أحداً غير مبالٍ»

يحكي الفيلم قصة حقيقية لمدرس أمريكي يدعى «رون كلارك Ron Clark» . قرر رون ترك مدرسته التي يعمل بها بعد أن حصل على الكثير من الجوائز وحقق العديد من النجاحات، منطلقًا إلى تحدٍ من نوع آخر. يتقدم رون للعمل في مدرسة حكومية بمدينة نيويورك معظم روادها من الأسر الفقيرة. في تجربة هذا المدرس العديد من الوسائل النافعة في التعامل التربوي مع الطلبة لكسب مودتهم وثقتهم ومن ثم تعاونهم في إنجاح العملية التعليمية. وهو يستخدم كل شغفه بالتدريس وأحدث الأساليب لإلهام وإشعال النار في قلوب الأطفال.

ثانيًا: أفلام اجتماعية

1. السعي وراء السعادة – The Pursuit of Happiness

تدور أحداث فيلم «The Pursuit of happiness» حول كريس الذي يبحث عن السعادة له ولأسرته الصغيرة التي تتكون من زوجة وطفل، تتصاعد الأحداث وتتركه زوجته وتهجره، يحدث له الكثير من المشاكل والمعاناة في حياته ولكنه بشجاعة يتخطاها ويحصل على ما يريد.

2. باتش آدمز – Patch Adams

يقدم لك هذا الفيلم اختلاف الدكتور آدامز عن زملائه؛ في أنه يعتقد أن الحب والضحك هما أفضل علاج لجميع الأمراض. هذه هي الطريقة التي يغير بها الدكتور آدامز حياة مرضاه، هذا هو فيلم حيوي ومؤثر يجعلك أكثر لطفًا بعد مشاهدته.

3. بوليانا – Pollyanna

بعد وفاة والديها، يجب على بوليانا البالغة من العمر 11 سنة أن تتحرك مع عمتها الصارمة. ينتقل بوليانا من جو الحب الأبوي إلى عالم القواعد الصارمة والمحظورات. لكن الفتاة لا تستسلم. علمها والدها شيئًا مهمًا – كيف تستمتع بالحياة في أي ظرف من الظروف. إنه فيلم جيد سترغب في مشاهدته مرارًا وتكرارًا.

بوليانا هي رواية – نشرت عام 1913، تُرجمت لفيلم عام 1960- بقلم إليانور بورتر والتي تعتبر الآن من كلاسيكيات أدب الأطفال، وأصبح اسم شخصية العنوان مرادفًا لشخص لديه نظرة متفائلة للغاية. كذلك فإن تحيز اللاوعي نحو ما يوصف بالإيجابية يسمى مبدأ بوليانًا.

ثالثا: أفلام ذات بعد فلسفي

مع الصعوبات التي نواجهها في الحياة لزم علينا تجاه أبنائنا؛ إعدادهم أو تهيئتهم للتأقلم مع مفهوم الحياة الذي بات مرادفًا للمغامرة، ومن هنا نقدم فيلمًا عن فلسفة الحياة والتحدي والتأقلم والبقاء.

حتى تكون وحتى تملك  – Etre et Avoir

«حتى تكون وحتى تملك» يمثل طريقتين متضادتين في الحياة. فالشخص الذي يعيش بطريقة «حتى تملك» يكون دائم البحث عن تملك الماديات بينما الشخص الذي يعيش بطريقةِ «حتى تكون» يكون دائم البحث عن الروابط مع الآخرين.

وهو فيلم وثائقي يرصد فصلًا واحدًا لمدة سنة دراسية واحدة في منطقة اسمها ماسيف سانترال حيث الشتاء طويل وشديد البرودة، يقوم باكتشاف أسرار التعلم والتعليم وأهمية التعايش سويًا. وتتميز المدارس الحكومية في المناطق النائية الفرنسية بنوع فريد من الفصول الدراسية اسمه كلاس يونيك، حيث يقوم معلم واحد بالتدريس لفصل واحد فقط، حيث يشتمل الأطفال من 4 إلى 11 سنة جميع المراحل من الحضانة حتى الابتدائية.

رابعًا: أفلام أنيميشن

العثور على نيمو- Finding Nemo

تدور فكرة الفيلم الأساسية حول طريقة التربية والتعامل مع الأبناء ويطرح تساؤل حول أيهما أصح: منح الثقة للأبناء أم إحاطتهم بالعناية الفائقة؟! ويقدم رسالة مفادها «لا تتعثر في الماضي… استمر في التقدم للأمام…»

يفقد سمك المهرج ابنه الوحيد نيمو عندما يغامر في البحر المفتوح. قُبض على نيمو من قبل غطاس يعمل طبيب أسنان في سيدني. بينما يغادر والد نيمو في محاولة لاستعادة ابنه يلتقي سمكة اسمها دوري، تعاني فقدان الذاكرة على المدى القصير. يسافر كلاهما مسافة كبيرة، ويواجهان العديد من المخلوقات البحرية الخطيرة من أجل إنقاذ نيمو من مكتب طبيب الأسنان.

خامسًا: أفلام موسيقية

ماري بوبينز – Mary Poppins:

هو فيلم موسيقي – تم إنتاجه في الولايات المتحدة وصدر سنة 1964 – تدور أحداثه حول «ماري بوبينز» المربية الخارقة التي تنتقل دوماً بواسطة شمسيتها، يطلب منها السيد «بانكس» أن تحضر إلى منزله كمربية أطفال في أسرة يغلفها الملل والبرود، فتستعين بقواها السحرية وقدراتها الخفية لمساعدتها في أداء مهمتها وإضفاء المرح على الأسرة.

سادسًا: أفلام كوميدية

السيدة داوتفاير – Mrs. Doubtfire:

ينفصل «دانيال هيلارد» عن زوجته وتحوز على حق حضانة الأطفال، ولا يجد من سبيل غير التنكر في شخصية مديرة منزل ويعمل لدى زوجته حتى يستطيع رؤية أطفاله والتقرب منهم، ويطلب من شقيقه «فرانك» الذي يعمل في فنون التجميل أن يساعده في تنكره لتحقيق مراده وأمنيته الوحيدة، ويقدم برنامج أطفال بنفس شخصية مدام «داوتفاير»، يشعر أطفاله مع الوقت بمدى قربهم من هذه السيدة مديرة المنزل الجديدة.

سابعًا: أفلام خيالية

المربية ماكفي  – Nanny McPhee:

يحكي الفيلم قصة عن امرأة اسمها إيزابيل ولها ثلاثة أطفال بينما يقاتل زوجها في الحرب، وتعاني المرأة كثيرًا مع أولادها المشاغبين، ويزداد عناؤها بعد أن يزورها ابنا أخيها من المدينة؛ حيث لا يتوقفان عن الشجار مع أولادها، وتأتي مربية ساحرة اسمها ماكفي لترعى الأطفال، فلا يحبونها في البداية؛ لكنها تنجح في جعلهم يحبون بعضهم ويساعدون بعضهم، وبعد أن تتم مهمتها تهجرهم ويعود والدهم من الحرب بعد أن وصلتهم برقية يخبرون فيها أنه قد توفي في الحرب، ليكتشفوا في النهاية أن العم فيل هو من زورها ليجبر إيزابيل أخته على بيع حصتها من المزرعة بعد أن فشلت محاولاته وألاعيبه لإقناعها.


السينما المنزلية: الترفيه والثقافة والأسرة في آن واحد

يمكن الاستفادة من الأفلام والمنتجات السينمائية بشكل أكثر تخطيطً وفاعليةً؛ فلا شك أن كثيرًا من الأسر – على الأغلب- تجتمع حول التلفاز بشكل عفوي؛ لكن يمكن إدارة وتنظيم هذا الاجتماع ليصبح عادة أسرية دورية تقدم النفع والمعرفة مع الترفيه.

ولتأسيس «سينما منزلية» إليكم الخطوات التالية:

1. اختيار يوم ثابت خلال الأسبوع وساعة محددة في يوم السينما المنزلي.
2. تحضير مستلزمات السينما (الفشار – الإضاءة – المقاعد…).
3. يمكن اختيار الفيلم بشكل جماعي  في كل أسبوع يختار فرد مختلف فيلمًا مناسبًا.
4. تخصيص فقرة استراحة بين الفيلم وفتح نقاش حول مضمونه.
5. يمكن توظيف الفيلم – إن كان أجنبيًا أو عربيًا- في تحسين المهارات اللغوية للأبناء؛ عبر تقديمهم ملخصًا حول الفيلم وما المستفاد منه.

قد يكون لدينا عائق في تعاملنا مع الأفلام في أننا لا نتساءل بشكلٍ عميقٍ كيف يمكننا الاستفادة منها ونستخدمها في حياتنا لتساعدنا في فهم الآخرين وأنفسنا وعواطفنا وأفكارنا ولحظاتنا ومحاولاتنا وتساؤلاتنا وأوقات تخبّطنا وبحثنا عن المغزى من الأشياء والأحداث؛ لتصبح وسيلة تجعل الفرد أكثر حكمةً ونضجًا وتساعده على النمو والمعرفة.