طفلك والإنترنت: 4 خطوات لتأمين طفلك على الشبكة

طفل، الإنترنت

معرفة أطفالك بالإنترنت تفوق معرفتك به كثيرًا، ولكن خبرتك أنت في الحياة أكبر.

إذا جاء طفلك طالبًا منك السفر حول العالم بمفرده، وأخبرك أنه في رحلته سيكون حرًا تمامًا يتكلم مع من شاء ويجرب كل ما يخطر بباله من ألعاب ومغامرات جديدة، سيعبر كل الطرقات بمفرده ويواجه المشكلات ويتعلم الكثير من مصادر مختلفة يختارها هو وفقًا لهواه، هل ستوافقه على خوض تلك التجربة؟ قد تكون تلك الرحلة رائعة ومفيدة لطفلك، ولكنها أيضًا لن تخلو من المخاطر، وإن لم تدعمه بوسائل الحماية الكافية قد تنقلب الآية وتصبح شرًا وأذى للصغير، عالم الإنترنت يشبه تلك الرحلة في العالم الحقيقي، فهو مزدحم بالمعلومات والأشخاص والمصادر التي تستحق التمسك بالسعي وراءها، ولكنها أيضًا تحمل تهديدًا لأمان طفلك إن لم يكن يعلم قواعد الغور فيه.
إن كنت تهتم بوجود طفلك المادي طوال الوقت، أين هو؟ مع من يقضي وقته؟ وفيمَ يقضيه؟ فاهتمامك بوجوده الافتراضي على عالم الإنترنت أيضًا مهم حتى تحجم من حجم الأخطار التي قد يتعرض لها.


مخاطر الإنترنت على الأطفال

الأطفال من عمر مبكر جدًا أصبحوا يعلمون أن للإنترنت سحرًا خاصًا ويتعلقون به، نستطيع القول بأن لغة الإنترنت باتت كاللغة الأم لهذا الجيل، يبحرون في عوالمه بيسر دون الحاجة لمعلم، ويعلمون عنه ما تبذل أنت عشرات الأضعاف من الجهد لتعلم نصفه، لذلك أول ما عليك فعله هو تثقيف نفسك حول ما يمكن أن يتعرض له طفلك في كل مرة يتصل به.

1. الإدمان

نحن البالغين أحيانًا يصعب علينا التحكم في استخدامنا للشاشات، لذلك فالأمر أصعب بالتأكيد على الصغار، كل تلك الأشياء المسلية التي تتوفر بسهولة مع لمس الشاشة، ومع كل لمسة تظهر عشرات الخيارات الأخرى التي يعمل عليها متخصصون بحيث تخطف الأنظار في اللحظة الأولى وتقمع أي محاولة للاكتفاء والتوقف.

2. التصيد

على الرغم من أن الإنترنت عالمًا افتراضيًا، ولكن من يستخدمونه أشخاص حقيقيون، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي هناك أعداد مهولة من الحسابات الشخصية المزيفة، وبالطبع منهم من يرسم لنفسه صورة مزيفة معينة مغايرة للواقع، حتى يبث في نفس فريسته قدرًا من الأمان يسمح له بالوصول لمآربه الأخرى كالنصب أو كسرقة الهوية لشخص سجله نظيف ليرتكب جريمة ما والتستر خلف تلك الهوية، أو للمحادثات الجنسية التي يتبعها أشكال مختلفة من الابتزاز، وبالطبع الضحايا الأسهل في اختراقها هم الأطفال.

3. التنمر

لا يخفى على أحد أن التستر وراء شاشة يتيح الفرصة لعمل أشياء قد نخجل أو لا نجرؤ على فعلها في الواقع، السخرية أو التنمر أحد تلك السلوكيات التي تنتشر بشكل كبير في عالم ما خلف الشاشات، لأن الأمر لا يتطلب مواجهة حقيقية، مما يسهل فعلها دون تأنيب ضمير أو جني عقوبة.

4. فوضى المعلومات

لا شك أن توفر المعلومات عن كل شيء على شبكة الإنترنت قد أحدث ثورة علمية وثقافية على جميع المستويات، ولكن هذا الجانب المشرق لتوافر المعلومات له جانب آخر خطير، وهو فوضى المعلومات، لا يوجد طريقة محددة يمكن اتباعها للتيقن من صحة سيل المعلومات المتوفرة وخصوصًا إن كان المستخدم صغير السن قليل العلم والخبرة، فيكون سهلاً إبهاره بمعلومات مضللة وقصص وهمية، لأغراض تسويقية أو للسيطرة على وعي الجموع لأغراض سياسية أو اجتماعية.

5. التعرض لمحتوى غير لائق

الجنس والمخدرات والعنف والألفاظ البذيئة والعادات والألعاب الخطرة، كل تلك الأشياء متوقع أن يتعرض الطفل لها أو لإحداها على الأقل في فترة من حياته أثناء استخدامه للإنترنت، سواء بشكل عارض أو عن عمد، إذا كان الطفل صغيرًا للغاية قد تسبب له تلك المشاهد صدمة نفسية، وإن كان أكبر قليلًا من الممكن أن يميل لتجربة ما يراه، وقد يتطور الأمر لعواقب وخيمة كالإدمان أو حتى الوفاة.


كيف أحمي طفلي من مخاطر الفضاء السيبري؟

تلك الأخطار وغيرها تضعنا أمام تحدٍ صعب. استخدام الأطفال للإنترنت أصبح واقعًا ضروريًا لا مفر منه، ولكنه يعرضهم لأخطار حقيقية وكلفتها عالية، هذا التحدي يتطلب منا كآباء أن نتعلم كيفية توفير قدر مناسب من الحماية الضرورية لهم.

1. زد وعيك عن الإنترنت

أهم ما يمكنك فعله كولي أمر طفل مستخدِم للإنترنت أن تتعلم عنه قدر استطاعتك، وأن تتابع بشكل مستمر البرامج والألعاب والصيحات الرائجة بين مستخدميه، وعيك بما يحدث وبالفائدة المرجوة أو الخطر المحدق لكل مغامرة رقمية يخوضها طفلك سيعطيك فكرة عما يمكنك فعله وإجراءات الحماية المطلوبة، يمكنك الاستعانة بموقع Media Smarts وهو خاص بمنظمة كندية غير ربحية لمحو الأمية الرقمية والإعلامية.

2. تحمل مسؤولية توعية الأطفال

محاولات المنع أو المقاومة لاستخدام الإنترنت لا تبقي طفلك بعيدًا عن مخاطره، بل إنها تبعده هو عن أنظارك وتجعل من الممنوعات أمرًا أشد إثارة. الإنترنت كالعالم الحقيقي، كما تُعلِّم طفلك كيف يعيش فيه بأمان، علِّمه أيضًا عن الإنترنت كيف يمكنه استخدامه بشكل آمن لا يضره، وأن المعلومات الشخصية من الخطر تداولها مع الأشخاص الذين لا نعرفهم، وأن “كلمة المرور” هي من ضمن المعلومات الشخصية التي لا يصح تداولها مع الآخرين. طفلك يحتاج إلى معرفة حقيقة أن الإنترنت قابل للإدمان وأن الإدمان يغير من تركيبة عقولنا فيجعلنا أكثر تشتيتًا وأقل تحفيزًا تجاه الحياة الحقيقية، وهذا ما لا يجب أن نسمح بحدوثه.

3. كن مثالًا

هناك بعض المواقع مثل فيسبوك، يضع عمر الثالثة عشر كحد أدنى لعمر المشتركين فيه، ولكن بعض الآباء يغيرون من أعمار أبنائهم كذبًا عند إنشاء حساب لهم ليتيحوا لهم استخدامه في عمر أبكر، هل هذا ما نريد تعليمه لهم؟ إن كان السلوك الذي نزرعه فيهم هو التحايل على الرقابة لنصل لمبتغانا فلا نتعجب عندما يتحايلون علينا نحن أنفسنا لاحقًا للتنصل من القواعد، أيضًا لا يمكن أن تحيط الطفل في بيئته من كل اتجاه بالإلكترونيات من شاشات تلفاز وهواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر وألعاب إلكترونية ويراك لا تكاد تجالسه إلا وأنت تستخدم إحداها، وتطالبه بأن يتحكم في فضوله تجاهها، الأطفال يتفاعلون مع بيئتهم فإن كانت بيئة مزدحمة بالأجهزة المتصلة بالإنترنت دون توازن فسيكون أكثر عرضة لإدمان الإنترنت.

4. وفر برامج للحماية على الأجهزة

هذا الخيار لن يكون فعالًا بقدر توعية الطفل نفسه، ولكنه مهم، وخصوصًا مع الأطفال الأصغر سنًا، هناك عدة خيارات يمكنك اللجوء إليها حسب عمر الطفل وميوله وطبيعة شخصيته، للأطفال في الطفولة المبكرة الذين يفضلون مشاهدة المحتويات المرئية يمكنك إما تحميل بعض المواد المراجعة من قبلك مسبقًا، وإما تشاركه في المشاهدة، وستكون هذه فرصة جيدة للحديث معه عن قواعد استخدام الإنترنت، أو استخدام موقع مثل common sense media وهو يوفر مكتبة من المحتويات المناسبة للأطفال وفقًا لأعمارهم، أيضًا هناك أجهزة تمكنك من ضبط إعداداتها لحجب المحتويات غير المناسبة أو لضبط الوقت المسموح على الإنترنت للطفل وبعد ذلك يفصله تلقائيًا، ومتوفر أيضًا تطبيقات لنفس الغرض مثل Net Nanny  وMMGuardian.

للأطفال الأكبر سنًا الذين يمتلكون أجهزة إلكترونية خاصة بهم ساعدهم لضبط كلمات مرور قوية لحساباتهم الشخصية وأخبرهم أنه في حال دخولهم على الإنترنت من جهاز لا يخصهم يجب أن يتأكدوا من تسجيل الخروج من الحساب بعد الانتهاء، وإن كان الطفل يمتلك حسابًا شخصيًا على مواقع التواصل الاجتماعي فساعده في ضبط الخصوصية لحسابه وفقًا للمعايير التي تتفقان عليها معًا.

أحيانًا وعلى الرغم من اتباع كل سبل توفير الأمان للأطفال عبر الإنترنت تظهر بعض السلوكيات التي تعد ناقوس خطر يحتاج للتدخل، ومنها:

  • قفل الشاشة فورًا من قبل الطفل إذا لاحظ مرور أحد بجانبه.
  • ظهور هدايا أو مبالغ مالية مع الطفل غير معروف مصدرها.
  • تلقي مكالمات هاتفية من أشخاص ليسوا من المحيط الطبيعي للطفل.

في حال ملاحظتك لأي من هذه السلوكيات سيكون دائمًا التوعية للأطفال وبناء الدافع الذاتي خيرًا من فرض الرقابة وتتبعهم على الإنترنت. الحرص على بناء جسور الثقة بينك ويبين طفلك واتفاقكما على قواعد توفير الأمان له هو ما سيسمح بأن تكون حصن أمان له من معظم أخطار الإنترنت، فأمان الطفل مسؤوليتك.