دخلت الأم لتقطع على ابنيها مشاهدة التلفاز قائلة: سنقلل عدد ساعات مشاهدة التلفاز لبرنامجين فقط في الأسبوع، ليرد أحد أطفالها: « وماذا سنفعل في كل أوقات الفراغ تلك»، لترد عليه: «أنا سعيدة أنك سألت! ستذهبان إلي المكتبة لتنهيا كتابين أسبوعيا وتقدما لي تقريرا بهما، لماذا تهدرون كل هذا الوقت أمام التلفاز بينما إذا استغليتم ذلك الوقت في تلك المواهب فلن يكون طويلا حتي يشاهدكم الناس على التلفاز» كان ذلك سجال بين أم وابنيها الذين صار احدهما د. بنجامين كارسون أحد أشهر الجرّاحين في العالم.
فمع كثرة الملهيات وبرامج الترفيه والهوس بالهواتف الذكية؛ التي قدمت صعوبات إضافية لإكساب الطفل حب القراءة المهم للنمو العقلي والبناء المعرفي للطفل، نضع يدك على خطوات فعالة تُكسب طفلك شغف القراءة وتوطد العلاقة بينه وبين الكتب.
ليست غذاء للعقل وفقط
في دراسة للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عن تأثير القراءة على الأدمغة لدى الأطفال والمراهقين الذين يبدأون من سن مبكر، وُجِد هذه الدراسة التي أجريت عام 2014 أن:
1. للقراءة أثرٌ إيجابيٌ على الدماغ حتى مع الصغار الذين لم يتعلموا القراءة بعد حيث أكدت أن الأطفال الذين يُقرَأ لهم منذ أن كانوا صغاراً سيكون أدائهم المدرسي أفضل حين يكبُروا؛ وذلك لأنهم مزوَّدين بأقوى مهارات اللغة والإدراك.
2. الاستمتاع في القراءة يفيد المراهقين والأطفال الكبار، فذلك يساهم في تقوية المهارات الاجتماعية، ومهارات الكتابة والمفردات، وتنمية القدرة على بناء المعرفة الشاملة، والمساهمة في إدراك ومعالجة الأفكار المعقدة.
3. تحسين القدرة على تحديد الغايات المهنية وإدراك نتائج السلوكيات الخطيرة، وبالإضافة إلى الذكاء فإن القراءة تجعل الأطفال أكثر تعاطفاً ووُدية، حيث يمكن للكتب أن تُعلِّم الأطفال الحرص على مشاعر الآخرين.
4. في دراسة أخري في سبتمبر 2015 حول بيئة القراءة المنزلية وتفعيل الدماغ في الأطفال قبل المدرسة أظهرت النتائج وجود ارتباط قوي وإيجابي بين بيئة القراءة المنزلية، وتنشيط الدماغ أثناء الاستماع إلى القصة، كان لدى الأطفال من بيئات القراءة المنزلية الأكثر تحفيزًا نشاطًا أكبر في مناطق الدماغ التي تدعم الفهم السردي والصور المرئية، والتي تعتبر مهمة لكل من اللغة والقراءة.
5. الأطفال الذين يقرؤون في مرحلة الطفولة وسن ما قبل المدرسة يتمتعون بمهارات لغوية أفضل عندما يبدؤون في الدراسة ويهتمون بالقراءة أكثر، بالإضافة إلى ذلك، فإن الآباء والأمهات الذين يقضون وقتهم في القراءة لأطفالهم يخلقون رعاية للعلاقات، وهو أمر مهم لنمو الطفل المعرفي واللغوي والمهارات الاجتماعية العاطفية ومحو الأمية المبكرة والاستعداد المدرسي.
10 استراتيجيات ترسم طريقك لتنشئة طفل قارئ
القراءة قد تكون موهبة وميل ذاتي غير محدد السبب وغالبا ما ترتبط بالفضول الزائد وحب المعرفة؛ وبالطبع وهي كموهبة تظل ذات نسبة قليلة في الظهور أما القراءة كمهارة يمكن اكسابها للطفل، فيكف يمكن زرع القراءة في أطفالنا:
1. تأسيس مكتبته الخاصة
– يمكنك تحفيز الطفل على القراءة من خلال إعطائه مصروفا إضافيا لشراء كتب يختارها، ومساعدته في ادخار النقود ليشتري كتابا قيما أو قصة رائعة، ويمكن اختيار فترة المعارض السنوية وتخصص مبلغ له لشراء الكتب وحدها، فالأطفال الذين يختارون ما يقرؤونه، بصرف النظر عن كونه رواية، أو كتابًا مصورًا، أو مجلة، أكثر تفاعلًا مع ما يقرؤنه وأكثر احتمالا للاحتفاظ بالمعلومات.
– دع طفلك يختار الكتاب حتى لو كان يعني قراءة نفس الكتاب مرارا وتكرارا. اجعليه يشارك في اختيار القصص والكتب وشرائها، لينمي إحساسه بالاستقلالية والملكية والمسئولية تجاه هذه الكتب.
– اختار ركناً مناسباً فى بيتك وثبت فيه مكتبة أو بعض الأرفف، خصص أحد هذه الأرفف لطفلك وتأكد من أن يكون الرف الخاص به فى متناول يديه لكى يشعر بأنه مميز أو اسمح له بأن يكون له رف خاص فى غرفته يضع عليه الكتب التي يحب قراءتها دائماً. هذه طريقة للتعبير عن احترامك لخصوصياته واختياراته.
2. القراءة عادة يومية
تُعدّ الطريقة الأمثل لترغيب الطفل في القراءة، المواظبة على القراءة بشكل يومي فإن الأطفال الذين يقرأ آباؤهم لهم كانوا أقل عرضة لخطر فرط النشاط عندما بدأوا الدراسة، خصص بعض الوقت كل يوم للقراءة معًا. يحب الكثير من الأطفال قراءة القصص لهم في وقت النوم. هذه طريقة رائعة للتخلص بعد يوم حافل والاستعداد للنوم. خصصي وقتاً معيناً في اليوم للقراءة.
3. القراءة الممتعة
تعتبر القصص المصورة من الوسائل الفعالة لتعويد الطفل على القراءة الذاتية، نظرا لتوظيف الصورة كأداة مساعدة على فهم المحتوى، كما أنها تجتذب الأطفال في السن المبكرة أكثر من الكتب الخالية من الصور يمكن أن يختار الأطفال الكتب التي لا تحتوي على كلمات بل على صور فقط، ويمكن احضار رواياتٍ مصوّرة بها رسومات تجعل الطفل يتخيل أحداثها أمامه كفيلمٍ يُخرجُه بنفسه. والقصص التعليمية والتربوية الملونة مناسبة؛ حتى يتعلم منها الأخلاقيات والمعارف الأولية.
4. أحيطيه بمجتمع القراء
ساعدي طفلك على الارتباط بالمكتبة، خصصي يوما واحدا للذهاب مع الأسرة إلى أقرب مكتبةٍ بالحيِّ سيُساعد في تكوين اهتمام الطفل بالقراءة واسمحي لطفلك أن يختار الكتب ليقرأها في المنزل، كما يمكنك استضافة نادي للقراء الصغار في المنزل للأطفال الأكبر سنًا والمراهقين، ساعديه في التسجيل للحصول على بطاقة المكتبة الخاصة به.
5. الأجهزة الرقمية قد تصبح حلا
يعشق الأطفال التكنولوجيا في عصرنا اليوم لكن يمكن استخدم عشقهم لها وتحويله عشقاً للقراءة. إذ هناك العديد من الكتب الإلكترونية التي يمكن طفلك أن يقرأها، وذلك عبر قارئ الكتاب الإلكتروني لكن يجب الحذر من الأمر ولا تكون الطريقة الوحيدة لقراءته، نظراً للمخاطر الصحية والاجتماعية الناجمة عن الاستعمال الكثيف للأجهزة الإلكترونية. ويصعب من قدراتهم على تفسير العواطف الواقعية وفقا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا.
6. اجعليه يتعثر فيها
املئي غرفة طفلك بالكتب، فالطفل الذي يكبر محاطاً بالكتب سينظر للكتاب كصديق يسليه. أحطِ أطفالك بمواد القراءة، جعل الكتب متاحة بسهولة في جميع أنحاء المنزل. اترك الكتب في غرفة طفلك كي تستمتع بها بنفسها احتفظ بالكتب في سلة على الأرض أو على رف منخفض حيث يمكن لطفلك الوصول إليها بسهولة والنظر إليها بشكل مستقل.
الكتب في متناول اليد إنشاء مكتبةٍ صغيرة قريبة من الطفل وعلى مرآه وفي مرمى عينَيه دائمًا، وتجهيزها بالكتب التي تناسب سنه وتُثير اهتمامه، سيجعله ذلك يلجأ إليها في وقت فراغه، أو عندما يملُّ من الألعاب هذا لا يعني أن يحرم الطفل من اللعب، بل الموازنة مهمة جداً.
7. الأطفال يشاهدون.. الأطفال يتعلمون
دعي طفلك يراك تقرأين، كوني المثال ودعي طفلك يشاهدك؛ فالصغار هوايتهم التقليد. عندما يرى الطفل والدَيه يقرآن باستمرار، فمِن الطبيعي أن تصل إليه رسالة بأهمية هذه العادة، وسينتابه الفضول لتقليدهما، لذلك، فإنَّ تخصيص 10 دقائق فقط للقراءة في وجود الطفل ومُشاركته في تفاصيل الكتاب وإشراكه أثناء شراءك للكتب والقصص ليعي قيمة الكتاب، ستجعل منه قارئًا ممتازًا عند الكبر.
8. ضعيه أمام تحد أو منافسة
حافز القراءة يختلف من طفل لآخر، وبعض المكافآت مهمة جداً كالنجمة الذهبية أو فسحة يحبها عندما ينتهي من قراءة كتاب ما. كذلك المشاركة في المسابقات الثقافية ومتابعة برامج المكتبات الحكومية وغير الحكومية وخاص التي تحمل طابع المنافسة، كما يمكن تحفيزهم بالجوائز؛ لكن عليك ألا تبالغي فى هذا الأسلوب لأن الجائزة قد تصبح هي هدف الطفل وليست القراءة نفسها.
9. القراءة التفاعلية
اطرحي أسئلة على الطفل حول القصة، وذلك لخلق تفاعل بين الأهل والطفل والقصة. اطلبي من طفلك الأسئلة حول محتوى الكتاب ليتمكن من فهم مستوى فهمه، من خلال مناقشة ما يقومون بقراءته بنشاط، يمكنك أيضًا مساعدتهم في الوصول إلى المستوى التالي من خلال توجيههم عبر نص أكثر صعوبة.
اختاري له كتباً صُوّرَت قصصها أفلاماً، هناك العديد من الحكايات التي صُوّرَت أحداثها أفلاماً. فقصة “الأميرة النائمة”، مثلاً، يمكن طفلك أن يقرأها في الكتاب، ثم مشاهدة أحداثها في فيلمٍ، ثم اسأليه ما الذي فضّله أكثر: الكتاب أم الفيلم؟ وهل هناك من أمورٍ غفلها الفيلم؟ أو أضافها؟
10. القراءة بصوت عال
أفضل ما يمكن للآباء فعله لتشجيع الأطفال على حب الكتب والقراءة هو القراءة بصوت عالٍ لهم. ولا تتوقف عن القراءة بصوت عالٍ لهم بمجرد تعلمهم القراءة بأنفسهم؛ حيث تعد القراءة لهم واحدة من أكثر الطرق فعالية لتعزيز الاستعداد المدرسي.. ومن الضروري تشجيع الطفل على القراءة بصوت عالٍ أيضًا، فذلك يساعد في بناء ثقة الطفل في قدرته على القراءة ومساعدته على الاستمتاع بتعلم مهارات جديدة.
طريق الألف ميل
علي الآباء أن يتحلوا بالصبر ولا ينتظروا نتائج فورية عند تطبيق هذه النصائح، وعليهم التذكر أن إجبار الطفل على القراءة يفقده المتعة، ومن يفقد متعة شيء ما يتركه في أول فرصة تتاح له؛ فكل تلك الاستراتيجيات تعتمد بشكل أساسي على اثارة الشغف بالقراءة فلا تفقديه متعته وأسسي له عالم كتب بالمنزل.
